أنا وحزني أخذتني خطواتي عند مفترق الطريق ,
أسير تارة و أقف تارة أخرى , وقفت أتلفت كل جانب , شدني ما رأيت , عاودت النظر , أيعقل !!!!
لم أصدق ما رأت عيني , هل أنا بحقيقة أم بخيال !!!
هل هي هواجس الزمان قد حلت , أم هي ضريبة كبر سني قد ظهرت !! سرت أكثر نحو هدفي ....
تقدمت بخطواتي جلست على ركبتي , رأيت طفل تحتضنه تراب الأرض و تحميه صخور الجدار ,
مرمي بمهده الطري على الصخور الشائكة
تمزق خده الصافي , أبكى شيبي منظره و فاضت دموعي حسرةَ على الطفل الرضيع ,,
رأيته وحيد حملته كي أنقذ براءة الطفولة ولكــن !!!!!
قتله الجوع جفت شفتاه عطشاً أمتلئ وجهه بالتراب فكانت الأرض أحن عليه من أمه ,
و قتلة تلك الحنونة جوعاً و برداً وعصفت على سمعة و على جسده الضعيف كل أسباب الهلاك ,
فــــــرحــــل ,
فارق روحه البريئة من دون أن يعلم أنه قد حيا !! و كانت حياته موتا مؤكدا !! رحلت روحه الطاهرة,
ورحلت أنا بحزني,
أخذتني خطواتي ببطء ووهن و كأنني أحمل هموم العالم على عاتقي ,
أسير و كأنني أجرر خلفي أطنان من الآلام
و أنا أسير ارتطمت بما رأيت دهشةً !!!!
وقفت وقد انحنى جسدي حزناً و يأساً ,
من بعد ذاك الطفل الرضيع صدقت ما أراه الآن لم أتعجب من هول ما رأيت فقد اعتاد نظري على كل ما هو غريب !!!
رأيت أطفالاً قد اهلك العمل أبدانهم و أيديهم قد تشققت بدمائهم التي اختلطت بعرق جهدهم ,
يحمل احدهم المطرقة بذراعه الصغيرة يرميها تعباً و يعود ليحملها بعد ما تمزقت أذنيه بالكلام الجارح و الضرب القاتل ,
وهو يعمل مسلوب الإرادة !!! و صاحب العمل يأمر الأطفال كأنهم كبار بأجسادهم !!
اعملوا هيا حان وقت العمل ! و أين وقت ألعب !
أنسوا إنهم أطفال ! أم حكم عليهم الزمان بالشيخوخة المبكرة شيخوخة الطفولة !
ينشغل رب العمل بالسجائر والضحك و يأخذ الأطفال نفسهم المتقطع من عملهم الشاق
ما إن شاهد أحد الأطفال هكذا إلا و انفجر غضبا اعمل بهمه و إلا !! فالضرب مصيرك
هلع الأطفال خوفا ومنهم من وقف خوفا مندهش يلتمس الرحمة ولكن !! لا حياة لمن تنادي !!
و يقوم الشبح الماكر بحرق أحد الأطفال بالسيجارة !!
دون أدنى احترام لطفولته !!
" و حل الليل كي يخبئ ما فعله النهار"
نام الأطفال بعد جهد جهيد دون أن يشعروا بالمكان الذي استلقوا فيه ,
بالأرصفة على الطرقات أو عند الحاوية أو بمكان الكدح ,
أو ربما ستجد أحدهم بقرب مطرقته دون غطاء فغطاءه الوحيد هوا حزنه ,,
أرى ذلك و قد وضعت يدي على فمي من الدهشة !!
ولا أجد ما أفعله !!
أخذتني خطواتي بحزنها , أجر قدمي من شدة لوعتي و جزعي ,
تساندني عبرتي و بكائي على حاضري المرير ,
وأنا أسير مررت بالقرب من بيت قديم سمعت صرخات تطلب النجدة
و صياح يخرج ويعلن عن مصيبة حلت بذاك البيت !!
سابقة خطواتي ووصلت عند شرفة المنزل , اقتربت مسرعاً من الباب
عجبا ما رأيت !!!!
شاباً يضرب والدته المسنه !! التي امتلئ وجهها بعلامات الزمن , يضربها دون رحمه و كأنه وحش مسعور ,
أما هي التي كانت تحمله دون كلل أو ملل ,
دون يأس حملته بأحشائها شهورا سقته من جسدها شراباً طهوراً
حَوته بحضنها وبين ذراعيها ليهنئ و ينام بحنانها ,و هي لم تذق طعم الراحة ,
ولم يغمض لها جفن من أجله !! من أجل نومه الهانئ تلف يديها من حوله بكل حب و رحمه ,
والآن هوا يلف يديه على عنقها جورا وظلما ليجازي الإحسان بالنكران !!!
يا له من عجب الأزمان ....
هل ألوم نفسي على زمان عشته ؟
أم ألوم على قدر الطفل الرضيع ! أم ألْوم على وقت الأطفال الأبرياء !
هل ألْوم على أهل الشاب الناكر أم عليه ! , أم ألْوم على البلد ,
لا بل ألوم علينا نحن الإنسان فقد تجرد الإنسان من الإنسانية ,
فلا إنسان بوقتنا الحاضر , و إنما أشباح الإنسان ...
بـقــلـــمــ : أبـــرار